للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْهَاجِرَةِ وَقْتَ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالثَّالِثُ: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنِّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَأْتُونَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.

فَأَمَّا لَفْظَةُ الرَّوَاحِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْمُضِيِّ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَكْثَرِ إِذَا قُرِنَتْ بِالْغُدُوِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: ١٢] [سَبَأٍ: ١٢] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلًا فِي الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» ) . وَقَوْلُ الشَّاعِرِ.

نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا ... وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لَا تَنْقَضِي.

وَقَدْ يُطْلَقُ الرَّوَاحُ بِمَعْنَى الذَّهَابِ وَالْمُضِيِّ، وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ إِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنِ الِاقْتِرَانِ بِالْغُدُوِّ.

وَقَالَ الأزهري فِي " التَّهْذِيبِ ": سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَسْتَعْمِلُ الرَّوَاحَ فِي السَّيْرِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، يُقَالُ: رَاحَ الْقَوْمُ إِذَا سَارُوا، وَغَدَوْا كَذَلِكَ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ: تَرَوَّحْ، وَيُخَاطِبُ أَصْحَابَهُ فَيَقُولُ: رُوحُوا أَيْ سِيرُوا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَلَا تَرُوحُونَ؟ وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْخِفَّةِ إِلَيْهَا لَا بِمَعْنَى الرَّوَاحِ بِالْعَشِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>