وَأَمَّا لَفْظُ التَّهْجِيرِ وَالْمُهَجِّرُ فَمِنَ الْهَجِيرِ وَالْهَاجِرَةِ، قَالَ الجوهري: هِيَ نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَرِّ، تَقُولُ مِنْهُ: هَجَّرَ النَّهَارُ، قَالَ امرؤ القيس:
فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْهَا بِجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ إِذَا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا
وَيُقَالُ: أَتَيْنَا أَهْلَنَا مُهَجِّرِينَ أَيْ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ. وَالتَّهْجِيرُ، وَالتَّهَجُّرُ: السَّيْرُ فِي الْهَاجِرَةِ، فَهَذَا مَا يُقَرَّرُ بِهِ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
قَالَ الْآخَرُونَ: الْكَلَامُ فِي لَفْظِ التَّهْجِيرِ كَالْكَلَامِ فِي لَفْظِ الرَّوَاحِ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ التَّبْكِيرُ.
قَالَ الأزهري فِي " التَّهْذِيبِ ": رَوَى مالك عَنْ سمي عَنْ أبي صالح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ» ) .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ ( «الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً» ) . قَالَ: وَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى أَنَّ التَّهْجِيرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَفْعِيلٌ مِنَ الْهَاجِرَةِ وَقْتَ الزَّوَالِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا رَوَى أبو داود المصاحفي عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّهْجِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا: التَّبْكِيرُ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ: سَمِعْتُ الخليل يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ الأزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ مِنْ قَيْسٍ، قَالَ لبيد:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute