للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبَعَةِ، وَأَسْعَدُهُمْ بِهَا مَنْ سَلَكَ فِيهَا الْمِنْهَاجَ النَّبَوِيَّ الْمُحَمَّدِيَّ، وَلَمْ يَنْحَرِفِ انْحِرَافَ الْغَالِينَ، وَلَا قَصَّرَ تَقْصِيرَ الْمُفَرِّطِينَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَدْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَكَلَامِهِ، فَلْنَذْكُرْ هَدْيَهُ فِي اعْتِكَافِهِ.

كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرَكَهُ مَرَّةً، فَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ.

وَاعْتَكَفَ مَرَّةً فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْأَوْسَطِ، ثُمَّ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، فَدَاوَمَ عَلَى اعْتِكَافِهِ حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَكَانَ يَأْمُرُ بِخِبَاءٍ فَيُضْرَبُ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَخْلُو فِيهِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الِاعْتِكَافَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَهُ، فَأَمَرَ بِهِ مَرَّةً، فَضُرِبَ فَأَمَرَ أَزْوَاجُهُ بِأَخْبِيَتِهِنَّ، فَضُرِبَتْ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ نَظَرَ فَرَأَى تِلْكَ الْأَخْبِيَةَ، فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ، وَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ.

وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ سَنَةٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَ يُعَارِضُهُ جِبْرِيلُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>