للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبِعَاءِ، فَإِذَا كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، إِذِ الْبَاقِي بَعْدَهُ سِتُّ لَيَالٍ سِوَاهُ.

وَوَجْهُ مَا اخْتَرْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ وَهِيَ يَوْمُ السَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَالِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثَاءِ، وَالْأَرْبِعَاءِ، فَهَذِهِ خَمْسٌ، وَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ خُرُوجُهُ لِسَبْعٍ بَقِينَ. فَإِنْ لَمْ يُعَدَّ يَوْمُ الْخُرُوجِ كَانَ لِسِتٍّ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ خِلَافُ الْحَدِيثِ.

وَإِنِ اعْتَبَرَ اللَّيَالِيَ، كَانَ خُرُوجُهُ لِسِتٍّ لَيَالٍ بَقِينَ لَا لِخَمْسٍ فَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ خُرُوجِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَبَيْنَ بَقَاءِ خَمْسٍ مِنَ الشَّهْرِ الْبَتَّةَ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ خَمْسٌ بِلَا شَكٍّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ لَهُمْ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مِنْبَرِهِ شَأْنَ الْإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ بِالْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ جَمَعَهُمْ وَنَادَى فِيهِمْ لِحُضُورِ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مِنْبَرِهِ.

وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِذَا حَضَرَ فِعْلُهُ، فَأَوْلَى الْأَوْقَاتِ بِهِ الْجُمُعَةُ الَّتِي يَلِيهَا خُرُوجُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْجُمُعَةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَعْضُ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْخَلْقُ وَهُوَ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى تَعْلِيمِهِمُ الدِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ ذَلِكَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ مُمْكِنٌ بِلَا تَفْوِيتٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا عَلِمَ أبو محمد ابن حزم، أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلَهُ: بِأَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ انْدِفَاعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَانَ لِخَمْسٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ فَقَطْ، فَلَمْ تُعَدَّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ الْقَرِيبَةُ لِقِلَّتِهَا، وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ لِذِي الْقَعْدَةِ، لَكَانَ خُرُوجُهُ بِلَا شَكٍّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى أَرْبَعًا، وَقَدْ ذَكَرَ أنس، أَنَّهُمْ ( «صَلَّوُا الظُّهْرَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا» ) قَالَ: وَيَزِيدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>