للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُضُوحًا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: ( «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» ) ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» ) ، فَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ أنس، وَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.

قَالَ: وَأَيْضًا قَدْ صَحَّ مَبِيتُهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَكُونُ انْدِفَاعُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ، يَعْنِي: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَصَحَّ مَبِيتُهُ بِذِي طُوَى لَيْلَةَ دُخُولِهِ مَكَّةَ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَهَا صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُدَّةُ سَفَرِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ لِذِي الْقَعْدَةِ، وَاسْتَوَى عَلَى مَكَّةَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَفِي اسْتِقْبَالِ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، فَتِلْكَ سَبْعُ لَيَالٍ لَا مَزِيدَ وَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَمْرٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، فَصَحَّ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَائْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا، وَانْتَفَى التَّعَارُضُ عَنْهَا بِحَمْدِ اللَّهِ انْتَهَى.

قُلْتُ: هِيَ مُتَآلِفَةٌ مُتَوَافِقَةٌ، وَالتَّعَارُضُ مُنْتَفٍ عَنْهَا مَعَ خُرُوجِهِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَزُولُ عَنْهَا الِاسْتِكْرَاهُ الَّذِي أَوَّلَهَا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ أبي محمد ابن حزم: لَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَكَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى آخِرِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ، بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَخْرُجَ لِخَمْسٍ، وَيَكُونُ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالَّذِي غَرَّ أبا محمد أَنَّهُ رَأَى الرَّاوِيَ قَدْ حَذَفَ التَّاءَ مِنَ الْعَدَدِ وَهِيَ إِنَّمَا تُحْذَفُ مِنَ الْمُؤَنَّثِ فَفَهِمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

فَلَوْ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ لَكَانَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>