الْحَجِّ، وَأَنَّهُ بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالم عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَمَا عَارَضَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَلَطًا عَلَيْهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مُوَافِقًا لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ ظَنَّ أَنَّهُ أَفْرَدَ كَمَا وَهِمَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ، وَكَانَ ذَلِكَ نِسْيَانًا مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَكَانَ هَذَا حَالَ الْمُفْرِدِ ظَنَّ أَنَّهُ أَفْرَدَ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالم، عَنْ أَبِيهِ، تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ.
وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ: وَحَدَّثَنِي عروة، عَنْ عائشة بِمِثْلِ حَدِيثِ سالم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَهَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالسُّنَّةِ، عَنْ سالم، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وعائشة.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، الرَّابِعَةُ مَعَ حَجَّتِهِ» ) وَلَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا تَمَتُّعَ قِرَانٍ أَوِ التَّمَتَّعَ الْخَاصَّ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ ( «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " الصَّحِيحِ ".
قَالَ: وَأَمَّا الَّذِينَ نُقِلَ عَنْهُمْ إِفْرَادُ الْحَجِّ فَهُمْ ثَلَاثَةٌ: عائشة، وَابْنُ عُمَرَ، وجابر، وَالثَّلَاثَةُ نُقِلَ عَنْهُمِ التَّمَتُّعُ، وَحَدِيثُ عائشة وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِهِمَا، وَمَا صَحَّ فِي ذَلِكَ عَنْهُمَا، فَمَعْنَاهُ إِفْرَادُ أَعْمَالِ الْحَجِّ أَوْ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ غَلَطٌ كَنَظَائِرِهِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ التَّمَتُّعِ مُتَوَاتِرَةٌ رَوَاهَا أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ كعمر، وعثمان، وعلي، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَرَوَاهَا أَيْضًا: عائشة، وَابْنُ عُمَرَ، وجابر، بَلْ رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute