للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ» ) .

فَهَذَا عمران وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ أَخْبَرَ أَنَّهُ تَمَتَّعَ وَأَنَّهُ ( «جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» ) وَالْقَارِنُ عِنْدَ الصَّحَابَةِ مُتَمَتِّعٌ، وَلِهَذَا أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْهَدْيَ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] [الْبَقَرَةِ: ١٩٦] ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عمر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» ) .

قَالَ: فَهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، عمر، وعثمان، وعلي، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رُوِيَ عَنْهُمْ بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ تَمَتُّعًا، وَهَذَا أنس يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا.

وَمَا ذَكَرَهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ( «لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ» ) فَجَوَابُهُ: أَنَّ الثِّقَاتِ الَّذِينَ هُمْ أَثْبَتُ فِي ابْنِ عُمَرَ مِنْ بكر مِثْلَ سالم ابْنِهِ، ونافع رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» ، وَهَؤُلَاءِ أَثْبَتُ فِي ابْنِ عُمَرَ مِنْ بكر. فَتَغْلِيطُ بكر عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيطِ سالم ونافع عَنْهُ، وَأَوْلَى مِنْ تَغْلِيطِهِ هُوَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُشْبِهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ: ( «أَفْرَدَ الْحَجَّ» ) فَظَنَّ أَنَّهُ قَالَ: لَبَّى بِالْحَجِّ، فَإِنَّ إِفْرَادَ الْحَجِّ كَانُوا يُطْلِقُونَهُ وَيُرِيدُونَ بِهِ إِفْرَادَ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَذَلِكَ رَدٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَرَنَ قِرَانًا طَافَ فِيهِ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى فِيهِ سَعْيَيْنِ، وَعَلَى مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ ( «أَفْرَدَ الْحَجَّ» ) تَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ، يُبَيِّنُ هَذَا مَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا» ، وَفِي رِوَايَةٍ ( «أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا» ) .

فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَقْصُودَهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدًا، قِيلَ فَقَدْ ثَبَتَ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>