للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى فَوْقِ السَّمَاوَاتِ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَخَاطَبَهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، هَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ.

وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ مَنَامًا، وَقِيلَ: بَلْ يُقَالُ: أُسْرِيَ بِهِ، وَلَا يُقَالُ: يَقَظَةً وَلَا مَنَامًا.

وَقِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَقَظَةً، وَإِلَى السَّمَاءِ مَنَامًا. وَقِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً يَقَظَةً وَمَرَّةً مَنَامًا.

وَقِيلَ: بَلْ أُسَرِيَ بِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتُ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِالِاتِّفَاقِ.

وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ شريك، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا عُدَّ مِنْ أَغْلَاطِ شريك الثَّمَانِيَةِ وَسُوءِ حِفْظِهِ، لِحَدِيثِ الْإِسْرَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا كَانَ إِسْرَاءَ الْمَنَامِ قَبْلَ الْوَحْيِ. وَأَمَّا إِسْرَاءُ الْيَقَظَةُ فَبَعْدَ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ: بَلِ الْوَحْيُ هَاهُنَا مُقَيَّدٌ وَلَيْسَ بِالْوَحْيِ الْمُطْلَقِ الَّذِي هُوَ مَبْدَأُ النُّبُوَّةِ، وَالْمُرَادُ: قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِ الْإِسْرَارِ، فَأُسْرِيَ بِهِ فَجْأَةً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ إِعْلَامٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَأَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ يَدْعُو الْقَبَائِلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ أَنْ يُؤْوُوهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَلَهُمُ الْجَنَّةُ، فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُ قَبِيلَةٌ، وَادَّخَرَ اللَّهُ ذَلِكَ كَرَامَةً لِلْأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى إِظْهَارَ دِينِهِ وَإِنْجَازَ وَعْدِهِ وَنَصْرَ نَبِيِّهِ وَإِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ وَالِانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِهِ، سَاقَهُ إِلَى الْأَنْصَارِ لِمَا أَرَادَ بِهِمْ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَانْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْهُمْ سِتَّةٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٍ وَهُمْ يَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَ عَقَبَةِ مِنًى فِي الْمَوْسِمِ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>