فَاسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَعَوْا قَوْمَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى فَشَا فِيهِمْ وَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا ذِكْرٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَأَوَّلُ مَسْجِدٍ قُرِئَ فِيهِ الْقُرْآنُ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ مِنَ السِّتَّةِ الْأَوَّلِينَ، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ، وَهُمْ أَهْلُ الْعَقَبَةِ الْأَخِيرَةِ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ، فَتَرَحَّلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَيْهِمْ، وَاخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، وَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا أَرْسَالًا مُتَسَلِّلِينَ، أَوَّلُهُمْ فِيمَا قِيلَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَقِيلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَدِمُوا عَلَى الْأَنْصَارِ فِي دُورِهِمْ، فَآوَوْهُمْ، وَنَصَرُوهُمْ، وَفَشَا الْإِسْلَامُ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ، فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ فِي صَفَرٍ، وَلَهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وعامر بن فهيرة مَوْلَى أبي بكر، وَدَلِيلُهُمْ عبد الله بن الأريقط الليثي، فَدَخَلَ غَارَ ثَوْرٍ هُوَ وأبو بكر، فَأَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَخَذَا عَلَى طَرِيقِ السَّاحِلِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، نَزَلَ بِقُبَاءَ فِي أَعْلَى الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. وَقِيلَ: عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَسَّسَ مَسْجِدَ قُبَاءَ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute