للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ تَبْكِي، قَالَ: مَا يُبْكِيكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: هَذَا شَيْءٌ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» ) .

وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً أَوْ مُفْرِدَةً؟ فَإِذَا كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً، فَهَلْ رَفَضَتْ عُمْرَتَهَا، أَوِ انْتَقَلَتْ إِلَى الْإِفْرَادِ وَأَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجَّ وَصَارَتْ قَارِنَةً، وَهَلِ الْعُمْرَةُ الَّتِي أَتَتْ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ كَانَتْ وَاجِبَةً أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، فَهَلْ هِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَوْضِعِ حَيْضِهَا، وَمَوْضِعِ طُهْرِهَا، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْبَيَانَ الشَّافِيَ فِي ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْأَلَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى قِصَّةِ عائشة، وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحْرَمَتْ بِالْعُمْرَةِ، فَحَاضَتْ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، فَهَلْ تَرْفُضُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، أَوْ تُدْخِلُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَتَصِيرُ قَارِنَةً؟ فَقَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ، مِنْهُمْ أبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ، وَبِالثَّانِي: فُقَهَاءُ الْحِجَازِ، مِنْهُمُ: الشَّافِعِيُّ ومالك، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَتْبَاعِهِ.

قَالَ الْكُوفِيُّونَ: ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، عَنْ عروة ( «عَنْ عائشة أَنَّهَا قَالَتْ: " أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ. قَالَتْ: فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ مِنْهُ. فَقَالَ: " هِذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ» ) . قَالُوا: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً، وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>