للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهَا رَفَضَتْ عُمْرَتَهَا وَأَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعِي عُمْرَتَكِ "، وَلِقَوْلِهِ: ( «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي» ) . وَلَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى إِحْرَامِهَا، لَمَا جَازَ لَهَا أَنْ تَمْتَشِطَ، وَلِأَنَّهُ قَالَ لِلْعُمْرَةِ الَّتِي أَتَتْ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ ". وَلَوْ كَانَتْ عُمْرَتُهَا الْأُولَى بَاقِيَةً لَمْ تَكُنْ هَذِهِ مَكَانَهَا، بَلْ كَانَتْ عُمْرَةً مُسْتَقِلَّةً.

قَالَ الْجُمْهُورُ: لَوْ تَأَمَّلْتُمْ قِصَّةَ عائشة حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ طُرُقِهَا وَأَطْرَافِهَا، لَتَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهَا قَرَنَتْ، وَلَمْ تَرْفُضِ الْعُمْرَةَ، فَفِي " صَحِيحِ مسلم ": عَنْ جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: ( «أَهَلَّتْ عائشة بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِسَرِفٍ عَرَكَتْ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عائشة فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكِ "؟ قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي قَدْ حِضْتُ وَقَدْ أَحَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحِلَّ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الْآنَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ "، فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ كُلَّهَا، حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ قَالَ: " قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْتُ. قَالَ: " فَاذْهَبْ بِهَا يَا عبد الرحمن فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» ) .

وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": مِنْ حَدِيثِ طَاوُوسٍ عَنْهَا: ( «أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَقَدِمْتُ وَلَمْ أَطُفْ حَتَّى حِضْتُ، فَنَسَكْتُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّفْرِ: يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» ) .

فَهَذِهِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ لَا فِي حَجٍّ مُفْرَدٍ، وَصَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْقَارِنَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ، وَصَرِيحَةٌ فِي أَنَّهَا لَمْ تَرْفُضْ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ، بَلْ بَقِيَتْ فِي إِحْرَامِهَا كَمَا هِيَ لَمْ تَحِلَّ مِنْهُ. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>