للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأُمُورُ الَّتِي نُخَالِفُ فِيهَا الْمُشْرِكِينَ هِيَ الْوَاجِبُ أَوِ الْمُسْتَحَبُّ، لَيْسَ فِيهَا مَكْرُوهٌ، فَكَيْفَ يَكُونُ فِيهَا مُحَرَّمٌ، وَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِنُسُكٍ يُخَالِفُ نُسُكَ الْمُشْرِكِينَ، مَعَ كَوْنِ الَّذِي نَهَاهُمْ عَنْهُ أَفْضَلَ مِنَ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ. أَوْ يُقَالُ: مَنْ حَجَّ كَمَا حَجَّ الْمُشْرِكُونَ فَلَمْ يَتَمَتَّعْ، فَحَجُّهُ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ". «وَقِيلَ لَهُ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: " لَا، بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ".

وَكَانَ سُؤَالُهُمْ عَنْ عُمْرَةِ الْفَسْخِ كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ جابر الطَّوِيلِ. قَالَ: «حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً "، فَقَامَ سراقة بن مالك فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ " دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ، لَا بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ" وَفِي لَفْظٍ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ فَقُلْنَا: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نُفْضِيَ إِلَى نِسَائِنَا، فَنَأْتِيَ عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَنِيَّ» . . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: «فَقَالَ سراقة بن مالك: لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ " لِأَبَدٍ» ".

وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْهُ: «أَنَّ سراقة قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَلَكُمْ خَاصَّةً هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ " بَلْ لِلْأَبَدِ» " فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ الَّتِي فَسَخَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>