للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِهَ مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُغَيَّبَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ سِتْرٍ لَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبَّاسٍ.

الْحُكْمُ السَّادِسُ: أَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنَ الْمَاءِ وَالسِّدْرِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَأَبَاحَهُ الشَّافِعِيُّ، وأحمد فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَمَنَعَ مِنْهُ مالك، وأبو حنيفة، وأحمد فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ صالح عَنْهُ. قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ أَهْدَى، وَقَالَ صَاحِبَا أبي حنيفة: إِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ.

وَلِلْمَانِعِينَ ثَلَاثُ عِلَلٍ.

إِحْدَاهَا: أَنَّهُ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ مِنْ رَأْسِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّفَلِّي.

الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَرَفُّهٌ، وَإِزَالَةُ شَعَثٍ يُنَافِي الْإِحْرَامَ.

الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَسْتَلِذُّ رَائِحَتَهُ، فَأَشْبَهَ الطِّيبَ وَلَا سِيَّمَا الْخِطْمِيُّ. وَالْعِلَلُ الثَّلَاثُ وَاهِيَةٌ جِدًّا، وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ لِلنَّصِّ، وَلَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ إِزَالَةَ الشَّعَثِ بِالِاغْتِسَالِ، وَلَا قَتْلَ الْقَمْلِ، وَلَيْسَ السِّدْرُ مِنَ الطِّيبِ فِي شَيْءٍ.

الْحُكْمُ السَّابِعُ: أَنَّ الْكَفَنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَعَلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ وَارِثِهِ، وَلَا عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ. وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحَالُ، لَسَأَلَ.

وَكَمَا أَنَّ كِسْوَتَهُ فِي الْحَيَاةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَمَاتِ، هَذَا كَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَفِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

الْحُكْمُ الثَّامِنُ: جَوَازُ الِاقْتِصَارِ فِي الْكَفَنِ عَلَى ثَوْبَيْنِ، وَهُمَا إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الْقَاضِي أبو يعلى: لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبَيْنِ لَمْ يَجُزِ التَّكْفِينُ بِالثَّلَاثَةِ لِمَنْ لَهُ أَيْتَامٌ وَالصَّحِيحُ: خِلَافُ قَوْلِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ يُنْقَضُ بِالْخَشِنِ مَعَ الرَّفِيعِ.

الْحُكْمُ التَّاسِعُ: أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنَ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَمَسَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>