وَفِي " السُّنَنِ ": «أَنَّهُ نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً» .
وَمَذْهَبُهُ: أَنَّ الْحَاجَّ شُرِعَ لَهُ التَّضْحِيَةُ مَعَ الْهَدْيِ، وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: الطَّرِيقَةُ الْأُولَى، وَهَدْيُ الْحَاجِّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأُضْحِيَةِ لِلْمُقِيمِ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا أَصْحَابَهُ جَمَعُوا بَيْنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ، بَلْ كَانَ هَدْيُهُمْ هُوَ أَضَاحِيهِمْ، فَهُوَ هَدْيٌ بِمِنًى، وَأُضْحِيَةٌ بِغَيْرِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُ عائشة: ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ، فَهُوَ هَدْيٌ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَةِ، وَأَنَّهُنَّ كُنَّ مُتَمَتِّعَاتٍ، وَعَلَيْهِنَّ الْهَدْيُ، فَالْبَقَرُ الَّذِي نَحَرَهُ عَنْهُنَّ هُوَ الْهَدْيُ الَّذِي يَلْزَمُهُنَّ.
وَلَكِنْ فِي قِصَّةِ نَحْرِ الْبَقَرَةِ عَنْهُنَّ وَهُنَّ تِسْعٌ إِشْكَالٌ: وَهُوَ إِجْزَاءُ الْبَقَرَةِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ.
وَأَجَابَ أبو محمد ابن حزم عَنْهُ بِجَوَابٍ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ عائشة لَمْ تَكُنْ مَعَهُنَّ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً وَهُنَّ مُتَمَتِّعَاتٌ، وَعِنْدَهُ لَا هَدْيَ عَلَى الْقَارِنِ، وَأَيَّدَ قَوْلَهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مسلم مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِي، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: " «دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» ". قَالَتْ: فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّنَا، أَرْسَلَ مَعِيَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي، وَخَرَجَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute