للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكرة فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا، لَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.

فَفِي هَذَا أَنَّ ذَبْحَ الْكَبْشَيْنِ كَانَ بِمَكَّةَ، وَفِي حَدِيثِ أنس أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.

قِيلَ: فِي هَذَا طَرِيقَتَانِ لِلنَّاسِ.

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ: قَوْلُ أنس، وَأَنَّهُ ضَحَّى بِالْمَدِينَةِ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَأَنَّهُ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ، فَفَصَّلَ أنس، وَمَيَّزَ بَيْنَ نَحْرِهِ بِمَكَّةَ لِلْبُدْنِ، وَبَيْنَ نَحْرِهِ بِالْمَدِينَةِ لِلْكَبْشَيْنِ، وَبَيَّنَ إِنَّهُمَا قِصَّتَانِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذَكَرَ نَحْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى، إِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ نَحَرَ الْإِبِلَ، وَهُوَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ نَحْرِ الْغَنَمِ هُنَاكَ بِلَا سَوْقٍ، وجابر قَدْ قَالَ فِي صِفَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: إِنَّهُ رَجَعَ مِنَ الرَّمْيِ، فَنَحَرَ الْبُدْنَ، وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، أَنَّ قِصَّةَ الْكَبْشَيْنِ كَانَتْ يَوْمَ عِيدٍ، فَظَنَّ أَنَّهُ كَانَ بِمِنًى فَوَهِمَ.

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: طَرِيقَةُ ابْنِ حَزْمٍ، وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُ، إِنَّهُمَا عَمَلَانِ مُتَغَايِرَانِ، وَحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، فَذَكَرَ أبو بكرة تَضْحِيَتَهُ بِمَكَّةَ، وأنس تَضْحِيَتَهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: وَذَبَحَ يَوْمَ النَّحْرِ الْغَنَمَ، وَنَحَرَ الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ، كَمَا قَالَتْ عائشة: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ» ، وَهُوَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".

وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": «ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عائشة بَقَرَةً يَوْمَ النَّحْرِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>