أَنَّهُ شَاهَدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ قَدْ أَخَذَ بِأَعْلَى الْحَرْبَةِ، وَأَمَرَ عليا فَأَخَذَ بِأَسْفَلِهَا، وَنَحَرَا بِهَا الْبُدْنَ ثُمَّ انْفَرَدَ علي بِنَحْرِ الْبَاقِي مِنَ الْمِائَةِ، كَمَا قَالَ جابر. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وأبو داود، عَنْ علي قَالَ: «لَمَّا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُدْنَهُ، فَنَحَرَ ثَلَاثِينَ بِيَدِهِ، وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا» .
قُلْنَا: هَذَا غَلَطٌ انْقَلَبَ عَلَى الرَّاوِي، فَإِنَّ الَّذِي نَحَرَ ثَلَاثِينَ: هُوَ علي، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ سَبْعًا بِيَدِهِ لَمْ يُشَاهِدْهُ علي، وَلَا جابر، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ أُخْرَى، فَبَقِيَ مِنَ الْمِائَةِ ثَلَاثُونَ، فَنَحَرَهَا علي، فَانْقَلَبَ عَلَى الرَّاوِي عَدَدُ مَا نَحَرَهُ علي بِمَا نَحَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِحَدِيثِ عبد الله بن قرط، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ". وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي. قَالَ: وَقُرِّبَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَنَاتٌ خَمْسٌ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ؟ فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ: فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَّةٍ لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ مَا قَالَ؟ قَالَ: " مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» ".
قِيلَ نَقْبَلُهُ وَنُصَدِّقُهُ، فَإِنَّ الْمِائَةَ لَمْ تُقَرَّبْ إِلَيْهِ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُقَرَّبُ إِلَيْهِ أَرْسَالًا، فَقُرِّبَ مِنْهُنَّ إِلَيْهِ خَمْسُ بَدَنَاتٍ رَسَلًا، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّسَلُ يُبَادِرْنَ وَيَتَقَرَّبْنَ إِلَيْهِ لِيَبْدَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أبي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute