للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَامَةِ بِهَا، وَفِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْسِينِ الْأَفْعَالِ الْمُنَاسِبَةِ لِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ؛ لِتَكُونَ الدَّعْوَةُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ بِالِاسْمِ الْحَسَنِ، وَالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ.

وَتَأَمَّلْ كَيْفَ اشْتُقَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَصْفِهِ اسْمَانِ مُطَابِقَانِ لِمَعْنَاهُ، وَهُمَا أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ، فَهُوَ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ مُحَمَّدٌ، وَلِشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى صِفَاتِ غَيْرِهِ أَحْمَدُ، فَارْتَبَطَ الِاسْمُ بِالْمُسَمَّى ارْتِبَاطَ الرُّوحِ بِالْجَسَدِ، وَكَذَلِكَ تَكْنِيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي الحكم بن هشام بأبي جهل، كُنْيَةٌ مُطَابِقَةٌ لِوَصْفِهِ وَمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ، وَكَذَلِكَ تَكْنِيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لعبد العزى بأبي لهب؛ لَمَّا كَانَ مَصِيرُهُ إِلَى نَارٍ ذَاتِ لَهَبٍ كَانَتْ هَذِهِ الْكُنْيَةُ أَلْيَقَ بِهِ وَأَوْفَقَ، وَهُوَ بِهَا أَحَقُّ وَأَخْلَقُ.

وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَاسْمُهَا يَثْرِبُ لَا تُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الِاسْمِ غَيَّرَهُ بِطَيْبَةَ؛ لَمَّا زَالَ عَنْهَا مَا فِي لَفْظِ يَثْرِبَ مِنَ التَّثْرِيبِ بِمَا فِي مَعْنَى طَيْبَةَ مِنَ الطِّيبِ، اسْتَحَقَّتْ هَذَا الِاسْمَ، وَازْدَادَتْ بِهِ طِيبًا آخَرَ، فَأَثَّرَ طِيبُهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ، وَزَادَهَا طِيبًا إِلَى طِيبِهَا.

وَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ الْحَسَنُ يَقْتَضِي مُسَمَّاهُ وَيَسْتَدْعِيهِ مِنْ قُرْبٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ: ( «يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَسَّنَ اسْمَكُمْ وَاسْمَ أَبِيكُمْ» ) ، فَانْظُرْ كَيْفَ دَعَاهُمْ إِلَى عُبُودِيَّةِ اللَّهِ بِحُسْنِ اسْمِ أَبِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>