ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ " قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» ) ، قَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فَعَوَّضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ، عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ زَجْرِ الطَّيْرِ وَالِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ الَّذِي نَظِيرُهُ هَذِهِ الْقُرْعَةُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ، يَطْلُبُونَ بِهَا عِلْمَ مَا قُسِمَ لَهُمْ فِي الْغَيْبِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ اسْتِقْسَامًا، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْقَسْمِ، وَالسِّينُ فِيهِ لِلطَّلَبِ وَعَوَّضَهُمْ بِهَذَا الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ تَوْحِيدٌ وَافْتِقَارٌ، وَعُبُودِيَّةٌ، وَتَوَكُّلٌ، وَسُؤَالٌ لِمَنْ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ الَّذِي لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَصْرِفُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا هُوَ الَّذِي إِذَا فَتَحَ لِعَبْدِهِ رَحْمَةً لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ حَبْسَهَا عَنْهُ، وَإِذَا أَمْسَكَهَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ إِرْسَالَهَا إِلَيْهِ مِنَ التَّطَيُّرِ وَالتَّنْجِيمِ وَاخْتِيَارِ الطَّالِعِ وَنَحْوِهِ. فَهَذَا الدُّعَاءُ، هُوَ الطَّالِعُ الْمَيْمُونُ السَّعِيدُ، طَالِعُ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالتَّوْفِيقِ، الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى، لَا طَالِعُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالشَّقَاءِ وَالْخِذْلَانِ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
فَتَضَمَّنَ هَذَا الدُّعَاءُ الْإِقْرَارَ بِوُجُودِهِ سُبْحَانَهُ، وَالْإِقْرَارَ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ مِنْ كَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْإِقْرَارَ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَتَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ، وَالِاسْتِعَانَةَ بِهِ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ نَفْسِهِ، وَالتَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِهِ، وَاعْتِرَافَ الْعَبْدِ بِعَجْزِهِ عَنْ عِلْمِهِ بِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، وَإِرَادَتِهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِيَدِ وَلِيِّهِ وَفَاطِرِهِ وَإِلَهِهِ الْحَقِّ.
وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ وَرِضَاهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute