إن ربي قريب من خلقه يعلم خائنه الأعين وما تخفى الصدور خصوصا الاستغفار والتوبة، ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
وما كان منهم إلا أن قالوا (ردا عليه) : يا صالح قد كنت فينا موضع رجائنا ومعقد أملنا لما لك من خلق وعقل قبل هذه الدعوة التي دعوتها ما الذي دهاك وألم بك!! تنهانا عن عبادة ما يعبده آباؤنا الأقدمون والمحدثون؟! وإنا يا صالح لفي شك مما تدعونا إليه من عبادة الله وحده وترك عبادة أوليائه وأحبابه وشركائه. حقا إننا لفي شك وسوء ظن منك.
قال يا قوم: أخبرونى ماذا أفعل؟ إن كنت على حجة من ربي، وبصيرة من أمرى أن ما أدعوكم إليه هو من عند الله لا من عندي.
فمن ينصرني من عذاب الله إن عصيته بكتمان الرسالة فما تزيدونني بحرصى على رجائكم وخوفي من سوء ظنكم غير إيقاعى في الهلاك.
ويا قوم هذه آية على صدقى، ناقة الله لكم. حيث لم تكن على السنن الطبيعي في نشأة أمثالها فقد
روى أنها خلقت من صخرة وكان لها شرب في يوم، ولهم شرب في يوم آخر
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ. وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ [القمر ٢٧ و ٢٨] وفي كتب التفسير روايات كثيرة عن الناقة.
يا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله، واتركوها ترعى حيث تشاء لا يعترضها أحد، ولا تمسوها بسوء أيا كان نوعه، فإنكم إن مسستموها بسوء فسيأخذكم عذاب قريب الوقوع، عذاب أليم يدعكم كالهشيم المحتظر.
فنادوا صاحبهم قيل: هو قدار بن سالف فتعاطى فعقر، وقد نسب العقر لهم جميعا لرضائهم على فعله فعقروها فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، وما أشد انتظار البلاء، وما أطولها مدة يترقب فيها الإنسان عذابا محقق الوقوع، ذلك وعد غير مكذوب فيه ومن أصدق من الله حديثا؟! فلما وقعت الواقعة، ونزلت الصاعقة نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا، ونجيناهم من خزي يومئذ، إن ربك أيها الرسول هو القوى القادر العزيز الحكيم يعز من يشاء ويذل من يشاء من عباده فأخذهم العذاب إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ [سورة الشعراء آية ٨] .