فَتَحْنا الفتح: الظفر بالبلد عنوة أو صلحا بحرب أو بغيره لأنه منغلق ما لم يظفر به، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح، مأخوذ هذا المعنى من فتح باب الدار وهذا على أن المراد فتح مكة، وقيل: هو صلح الحديبية، والمراد: أوجدنا لك سبب الفتح «١» . عَزِيزاً: ذا عز لا ذل معه، أو عزيزا أى: فريدا لا شبيه له.
السَّكِينَةَ: الطمأنينة. السَّوْءِ ساءه يسوءه سوءا ومساءة: نقيض سرّه، والاسم: السوء، والمراد: الهزيمة والشر. دائِرَةُ وهي في الأصل: عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة المحيطة بالإنسان كإحاطة الدائرة بالمركز إلا أن أكثر استعمالها في الشر والمكروه والمراد: دائرة هي السوء.
[المعنى:]
يخبر الله تعالى عن نفسه بنون العظمة أنه فتح للنبي صلّى الله عليه وسلّم فتحا عظيما بعقد صلح الحديبية بينه وبين المشركين بمكة، فقد كانت هذه أول مرة اعترفت فيها قريش بمحمد لا على أنه ثائر خارج، أو طريد لا يعبأ به، بل اعتبرت محمدا وصحبه قوة يحسب لها حساب، ويجب أن يعقد معها صلح، ثم إن تسليمها بحق الزيارة للمسلمين في العام القابل اعتراف صريح بأن الإسلام دين مقرر معترف به، وهذه الهدنة قد جعلت المسلمين يأمنون شر عداوة المشركين ألد أعدائهم الخطرين، ويوجهون عنايتهم لنشر دعوتهم الإسلامية في أرجاء الجزيرة العربية، ولذا نرى الرسول بعث البعوث وأوفد الرسل لكسرى والمقوقس وهرقل وأمراء الغساسنة وعمال كسرى في اليمن، وإلى نجاشى الحبشة، وفيها صفى حسابه مع اليهود وقد انتشر الإسلام بعد هذا الصلح انتشارا واسعا بسبب تلك الهدنة التي اندفع الدعاة للدين الجديد يشرحون للناس الإسلام حتى دخلوا في دين الله أفواجا، وها هو ذا محمد صلّى الله عليه وسلّم يدخل مكة بعدها بعامين اثنين في عشرة آلاف مقاتل.
(١) - وعلى ذلك فهو مجاز مرسل من إطلاق السبب على المسبب، أو هو استعارة تبعية في فتحنا حيث إنه أطلق الفتح وأراد الصلح لعلاقة المشابهة في الظهور والغلبة.