روى أن كفار قريش سألوا أهل الكتاب عن رأيهم في النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي دينه. فقالوا:
ليس في التوراة والإنجيل شيء يدل على نبوته
، وقد شهدوا له بالرسالة والصدق قبل أن يثبت كذب أهل الكتاب في شهادتهم ومن هنا كانت المناسبة.
وقد روى أن عمر بن الخطاب لما قدم المدينة سأل عبد الله بن سلام عن هذه المعرفة فقال: يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني.. وأشهد أنه حق من عند الله. واستطرد الكلام إلى بعض مواقف المشركين.
[المعنى:]
الذين آتيناهم الكتاب قديما وهم اليهود والنصارى يعرفون محمدا صلّى الله عليه وسلّم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين كما يعرفون أبناءهم أو أشد، يعرفونه بما عندهم من نعته، وما ثبت من صدقه، وبالدلائل التي ظهرت معه. ولكنهم أنكروا كما أنكر المشركون والسبب أنهم خسروا أنفسهم واشتروا الضلالة بالهدى، لم تكن عندهم عزيمة صادقة تدفعهم إلى الإيمان وترك العصبية الجاهلية ولذلك فهم لا يؤمنون أبدا بالقرآن وبالنبي صلّى الله عليه وسلّم لعنادهم وحسدهم لا لجهلهم به، ولا أحد أظلم من شخص افترى على الله كذبا، واختلق بهتانا حيث قال: إن لله شريكا وله ولد، والملائكة بنات الله، وحرم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وكذب بالقرآن، وآياته البينات، وكذب بالآيات الكونية التي تدل على وحدانية الصانع وأن الدنيا لم تخلق عبثا، أما جزاء هؤلاء فإنه لا يفلح الظالمون أبدا في الدنيا والآخرة.
وذكّرهم أيها الرسول يوم نحشرهم جميعا لا فرق بين ملة وملة إذ الكفر ملة واحدة ثم نقول للذين أشركوا: أين شركاؤكم؟! الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لله، وتدعونهم كما تدعون الله، وتلجئون إليهم كما تلجئون إلى الله.
والسؤال للتبكيت والتأنيب!! ثم لم تكن عاقبة الشرك ونتيجته التي رأوها ماثلة للعيان يوم القيامة إلا قولهم: والله ربنا ما كنا مشركين أبدا. نعم وصلت حالهم إلى الإنكار والكذب بعد ما كانوا معتزين بالشرك وبدين الآباء والأجداد.