وهؤلاء اليهود والنصارى الذين قص عليك من أنبائهم ما به عرفتم لن يرضوا عنك مهما فعلت من الخير إلا إذا دخلت في دينهم.
وروى أنهم قالوا: يا محمد مهما فعلت لإرضائنا فلن نرضى حتى تتبع ملتنا، قالوا هذا لييأس النبي من هدايتهم، فرد الله عليهم: إن هدى الله ودينه الذي هو الإسلام هو الهدى وحده الواجب اتباعه، أما غيره فمبنى على الهوى والشهوة ولذلك حذر الله نبيه وكل فرد من أمته بقوله: ولئن اتبعت دينهم فليس لك من دون الله ولى ولا نصير.
ولئلا يحصل اليأس للنبي صلّى الله عليه وسلّم من أهل الكتاب جميعا أخبر بأنهم ليسوا كلهم على هذا المنوال بل منهم من يتلو الكتاب ويفهمه حق الفهم ولا يتعصب تعصب الأعمى ولا يبيع آخرته بدنياه، أولئك يؤمنون به ومن يؤمن به حقا يؤمن بالقرآن والنبي، ومن يكفر بكتابه منهم فلا يؤمن بك، وأولئك هم الخاسرون.
بعد أن ذكر ما ذكر من تعداد النعم والقبائح وما جازاهم بهم على كل هذا أراد أن يجدد ثقتهم ونشاطهم فناداهم بهذا لئلا ينفروا مما سبق، وهو يذكرهم بالنعم التي أنعمها عليهم وعلى آبائهم وليبنى عليها قوله: وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ وليس فيها تكرير يمجه البلغاء.
إبراهيم عليه السلام وبيت الله الحرام [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٤ الى ١٢٩]