التَّوْراةَ: اسم للكتاب الذي أنزل على موسى. الرَّبَّانِيُّونَ: مفردة رباني، نسبة إلى الرب، وهو الذي يسوس الناس بالعلم ويربيهم. وَالْأَحْبارُ:
جمع حبر، هو العالم بتحبير الكلام وتحسينه. بِمَا اسْتُحْفِظُوا: بما طلب إليهم حفظه منهم. شُهَداءَ: رقباء وحفاظا. وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ: جعلنا عيسى يقفو أثرهم ويتبعهم.
[المناسبة:]
بعد أن نعى الله على اليهود عدم رضائهم بحكم التوراة وطلب حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم إن وافق هواهم ثم إعراضهم عن حكمه صلّى الله عليه وسلّم ذكر هنا التوراة وما فيها من الهدى والنور والحكم والقانون مسجلا عليهم جرمهم.
[المعنى:]
إنا أنزلنا التوراة على موسى الكليم، فيها هدى يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام والحق، وفيها نور يستضاء به ويكشف ما تشابه عليهم وأظلم، هذا في التوراة المنزلة من عند الله لا في صحفهم المبدلة المحرفة التي سموها توراة.
هذه التوراة قانون يحكم بها النبيون الذين نزلوا بعد موسى حتى عيسى ابن مريم، وأسلموا وجوههم لله قانتين مخلصين، حكموا بها بين اليهود، فهي شريعتهم الخاصة بهم، حتى نزل عيسى ابن مريم، وكان آخر نبي نزل على بنى إسرائيل، وقد نقل عن عيسى- عليه السلام- في الإنجيل:(ما جئت لأنقض الناموس- شريعة موسى- وإنما جئت لأتمم..) فالإنجيل مكمل لها وقد حكم بها عيسى- عليه السلام-.
وحكم بها وحافظ عليها الربانيون والأحبار وهم الصالحون من ولد هارون في الأزمنة التي لم يكن بها أنبياء، وذلك بسبب ما أخذه الأنبياء عليهم من العهد المؤكد، وسألوهم حفظها والعناية بها، وكانوا على كتاب الله شهودا ورقباء يحمونه من التغيير والتحريف، وشاهدين عليه أنه الحق لا مرية فيه.