وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين، إن في ذلك كله لآيات لقوم يؤمنون، وأى آية أظهر من تلك؟ يلقى إنسان في النار المحرقة فلا تؤثر فيه شيئا سبحانك يا رب أنت القادر على كل شيء!! وقال إبراهيم بعد خروجه من النار: يا قوم: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا تعبدونهم لا ينفعون ولا يضرون.
إن الذي اتخذتموه أوثانا لأجل المودة بينكم، أى: لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها لا ينفعكم بل يكون عليكم، بدليل قوله بعد ذلك ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً على معنى أن هذه المودة التي في الدنيا ستنقلب بينكم إلى تلاعن وتباغض، وتعاد، يتلاعن المتبوعون والتابعون، ويتلاعن العبدة كلهم مع الأصنام وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا، ومأواكم النار جزاء ما عبدتم غير الله، وما لكم من ناصرين ينصرونكم وقت الشدة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم خالص من الذنوب..
ولما خرج من النار إبراهيم سليما معافى آمن لوط بنبوة إبراهيم.
وقال إبراهيم: إنى مهاجر إلى أمر ربي أى: حيث أمرنى، وقد هاجر من سواد العراق ومعه زوجته سارة، ولوط ابن أخيه أو ابن أخته، والله أعلم، هاجر من سواد العراق إلى حران ثم منها إلى فلسطين، ونزل لوط قرية سدوم.
ووهبنا إلى إبراهيم- بعد إسماعيل- إسحاق ومن نسله يعقوب، وجعلنا في ذريته النبوة فكانت الأنبياء كلها بعد إبراهيم من ذريته، وآتيناه الكتب فنزلت التوراة على موسى والزبور على داود والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد، وكلهم من نسله، وآتيناه أجره في الدنيا حيث يحمده الكل، ويؤمن به ويمجده، وهو في الآخرة من الصالحين الذين لهم الدرجات العلا.
قصة لوط مع قومه [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٢٨ الى ٣٥]