للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المناسبة:]

نعى الله على أهل الكتاب عموما أنهم يفرقون بين الأنبياء فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. ثم تعرض القرآن لليهود خاصة وأنهم سألوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم- عنادا واستكبارا- أن ينزل كتابا من السماء آية لهم ولم يكن هذا العناد جديدا على اليهود فقد سألوا موسى قديما أكبر من هذا، وفعلوا القبائح، وكفروا بعيسى، وبهتوا أمه وحاولوا قتله وصلبه ... إلخ، ما ذكر.

ولو فعلت هذا لآمنوا بك وصدقوك، فأنت أوضح دليلا وأقوم قيلا، على أن الإيحاء من الله إليك كان كالأنبياء السابقين، فما لهم يفرقون بين نبي ونبي؟؟ وما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟!!

[المعنى:]

إنا بما لنا من العظمة والقدرة قد أوحينا إليك يا محمد هذا القرآن إيحاء كإيحائنا إلى الأنبياء قبلك، فلست بدعا من الرسل، وهم قد آمنوا بهم، فكيف يطلبون منك أن تنزل عليهم كتابا من السماء، على أنهم لو آمنوا حقيقة بالرسل لآمنوا بك فالوحى جنس واحد لم يتغير، وفي كتبهم البشارة بك ووصفك.

وحقيقة الإيحاء كما قال المرحوم الشيخ محمد عبده في رسالة التوحيد: (عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة) .. إنا أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى المشهورين من الأنبياء قبلك كنوح، وخص بالذكر أولا لأنه أقدم نبي مرسل، على أن قومه كذبوه فعذبوا. وهو الأب الثاني للبشر، وأوحى إلى النبيين من بعده لا سيما إبراهيم- عليه السلام- أبو الأنبياء، والذي يدين له العرب وأهل الكتاب، وإسماعيل ابنه الأكبر وأبو العرب وجد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وإسحاق ابن إبراهيم أبو يعقوب المسمى بإسرائيل وإليه تنسب اليهود، والأسباط وهم حفدة يعقوب، وقيل: أولاده لصلبه وعددهم عشرة أولاد يوسف واثنان فكان المجموع اثنى عشر، وهم في نسل إسحاق كالقبائل في نسل إسماعيل، وعيسى ابن مريم وقدم على غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>