بِالْبِرِّ: الطاعة والصدق والتوسع في الخير. بِالصَّبْرِ: حبس النفس على ما تكره، وقيل: هو الصوم. يَظُنُّونَ: يعتقدون. عَدْلٌ العدل: الفداء.
نزلت في علماء اليهود كانوا يأمرون غيرهم بالصدقة والثبات على الإسلام ويتركون أنفسهم.
[المعنى:]
إن تعجب فعجب من هؤلاء يأمرون غيرهم بالخير وينسون أنفسهم فهم كالمصباح يضيء للناس ويحرق نفسه، كيف يليق بكم يا أهل الكتاب أن تأمروا الناس بالبر، وهو جماع الخير، ولا تأتمرون به! والحال أنكم تتلون الكتاب، وتعلمون ما فيه من عقوبة من يقصر في أمر الله!! ولا شك أن من هذا وصفه فهو بغير العقلاء أشبه، آمنوا واستعينوا على أنفسكم الأمارة بالسوء وشياطينكم بالصبر والصلاة فإنهما جلاء القلوب والأرواح، وإنما أمرنا بالصبر لأنه احتمال المشاق من تكاليف وابتلاء مع الرضا والتسليم، ولا شك أن مثلهم في أشد الحاجة إليه، والصلاة أقرب إلى حصول المرجو منهم لما لها من التأثير في الروح، ولكنها شاقة على النفس الأمارة بالسوء: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الذين عمرت قلوبهم بالإيمان فخفت جوارحهم إلى الصلاة بنشاط، واطمئنان، ومن هنا ندرك معنى
الحديث:«جعلت قرّة عيني في الصّلاة»
فالخاشعون: هم الذين يعتقدون أن وراءهم يوما يلاقون فيه ربهم فيحاسبون على أعمالهم. وأنهم إلى الله وحده راجعون، فمكافأون عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر. وهل الصلاة التي أمر بها اليهود هنا هي الصلاة الإسلامية أم هي صلاتهم؟
الأصح أنها الصلاة الإسلامية بناء على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة ومكلفون بها، وهذه الصفات التي ذكرت ككونها كبيرة إلا على الخاشعين يؤيد ذلك.
ثم كرر نداء بني إسرائيل ذاكرا لهم ما منّ على آبائهم وعليهم من النعم، وأنه فضلهم على غيرهم إذ جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا وفضلهم على العالمين في زمانهم، يا بنى إسرائيل: اتقوا يوما لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا، فليس الأمر كما تفهمون أن هناك شفعاء يشفعون إذ لا تقبل هناك شفاعة من شافع، ولا يؤخذ من نفس فداء ولا هم ينصرون.