بالعمل الصالح مَقالِيدُ: جمع مقليد أو مقلد أو مقلاد: وهو المفتاح لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ الإحباط: الإبطال والإفساد بِيَمِينِهِ اليمين: تطلق على الجارحة، أو على القدرة والملك، أو القوة لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ وعليه قول الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
[المعنى:]
في هذه الآيات الكريمة بيان جزاء الكافرين والمؤمنين يوم القيامة بالإجمال وبيان دلائل التوحيد والألوهية وموقف النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذلك.. ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة، والخطاب هنا للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولكل من تتأتى منه الرؤية، ولا شك أن المشركين كذبوا على الله حيث وصفوه بغير صفاته، وأثبتوا له الشريك والولد، وهؤلاء الكذابون، تراهم يوم القيامة قد اسودت وجوههم، وعليها غبرة ترهقها قترة، أولئك هم الكفرة الفجرة الذين كذبوا على الله وعلى رسوله، لما رأوا ما أعد لهم ظهرت عليهم علائم الخوف والاضطراب.
أليس في جهنم مثوى لأولئك الكذابين الذين جاءتهم آيات الله فكذبوا بها واستكبروا عنها؟ وهذا تقرير لرؤيتهم يوم القيامة سود الوجوه، وأما المؤمنون الصادقون فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وقد نجاهم ربك لأنهم اتقوا ما أعد للكفار حالة كونهم متلبسين ومقترنين بفلاحهم وظفرهم بطلبهم وهي الجنة قد أعدت لهم، لا يمسهم فيها سوء، ولا هم يحزنون.
لا غرابة في هذا، فالله خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل يتصرف فيه كيفما شاء، والكل محتاج إليه «١» ، له مقاليد السموات والأرض وهذه كناية عن قدرته- تعالى- وحفظه لها بمعنى أنه لا يملك التصرف في خزائن السموات والأرض- وهي ما أودع فيها من منافع- غيره تعالى.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر أن عثمان بن عفان- رضى الله عنه- سأل رسول الله:
صلّى الله عليه وسلّم عن تفسير قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فقال رسول الله
(١) الفصل بين الجملتين لأن الثانية بمنزلة التوكيد للأولى، وقيل: هي تعليل لقوله: (وهو على كل شيء وكيل) أو بمنزلة عطف البيان، ويرجح بعضهم أنها مستأنفة.