هذا موقف آخر لأهل الكتاب وأحبارهم بالنسبة للقرآن والنبي، وما قبله كان الكلام عليهم وعلى المشركين حيث حرموا بعض الحلال، وابتدعوا في الدين رهبانية وتقشفا.
[المعنى:]
إن الذين يكتمون ما أنزل الله- الكتاب المنزل عليهم من وصف النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيان زمانه وغير ذلك مما يشهد بصدق نبوته وكمال رسالته، فعلوا هذا حرصا على رئاسة كاذبة وعرض زائل- تراهم باعوا الخير والهدى بثمن بخس قليل لا ينفع، أولئك البعيدون في الضلال لا يأكلون في بطونهم إلّا ما هو موجب لدخول النار. ومن شدة غضب الله عليهم أنه لا يكلمهم يوم القيامة، ولا يثنى عليهم بالخير كما يفعل مع أهل الجنة، وللكافرين عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.
ثم أشار إليهم مرة ثانية دليلا على تمكنهم في الضلال فقد استبدلوا الضلالة بالهدى واستحقوا العذاب بدل المغفرة، فعجبا لهم وأى عجب لصبرهم على تعاطى موجبات دخول النار من غير مبالاة منهم!! ذلك العذاب الشديد الذي لحق بهم لأن الله نزل الكتاب بالحق، وأن الذين اختلفوا في كتب الله فقالوا: بعضهم حق وبعضهم باطل لفي خلاف بعيد عن الحق.