للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحافظة على أموال الضعاف وأحكام النكاح والإرث، وكأن هذه الأحكام لازمة للناس من حيث كونهم ناسا ولذا بدأها بقوله: يا أيها الناس، وإن تكن السورة مدنية.

[المعنى:]

يا أيها الناس خذوا لأنفسكم الوقاية، واتقوا الله الذي رباكم بنعمه، وتفضل عليكم بإحسانه ومننه، فهو الذي خلقكم من جنس واحد وحقيقة واحدة هي آدم- عليه السلام- وإذا كنا جميعا أبناء لأب واحد، فلا يصح أن نتعدى حدود الله خاصة حدود القربى والرحم الإنسانية.

وقيل: هذه النفس لم تبدأ بآدم بل بأوادم قبله، فليس آدم أبا البشر جميعا ... والله أعلم بهذا كله، والخطب يسير، والقرآن أبهم النفس ولم يعرفها فهي تحتمل هذه المعاني وأكثر منها.

فإذا ثبت علميا أن آدم أبو البشر أو ليس آدم أبا البشر لم يتعارض ذلك مع القرآن كما تتعارض التوراة وغيرها.

على أن الرأى الأول هو الأحسن والذي يتلاءم مع كثير من الأحاديث الصحيحة، والمعنى المراد أنه خلقكم من نفس واحدة أنشأها من تراب وخلق منها زوجها، قيل:

من ضلع لآدم كما

في الحديث «إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها» .

وعند بعض العلماء أن المراد أنه خلق من جنسها زوجها فهما من جنس واحد وطبيعة واحدة واستدل على ذلك بقوله- تعالى-: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها [الروم ٢١] وقال في سورة أخرى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا من أنفسهم [الجمعة ٢] فالمراد في الآيات من النفس واحد وهو الجنس ونشر وفرق من آدم وحواء نوعي البشر: الذكور والإناث، فقد خلق آدم من تراب، وخلقت حواء منه، ومنها خلقت الذكور والإناث التي تفرع منهما الإنسان الذي سكن الأرض، وهذا تفصيل لما أجمل في قوله- تعالى-: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [سورة الزمر آية ٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>