عزيز وغالب لا يغلبه أحد، حكيم يضع الأمور في نصابها، وقد نصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعزته، وأظهر دينه على الأديان كلها بحكمته هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [سورة التوبة آية ٣٣] .
بعد أن عاتب المتخلفين عن النفر أمر به أمرا عاما شاملا فقال: انفروا خفافا وثقالا، والخفة والثقل تكون في الأجسام وأحوالها من صحة ومرض، ونحافة وسمن، وشباب وكبر، وغنى وفقر، وقلة وكثرة، ووجود ظهر وعدم وجوده ... إلخ.
فإذا أعلن النفير العام وجب تجنيد القوى كلها في البلد للحرب، ووجب الحرب على الكل ما عدا المعذورين عذرا شرعيا، وقد نبه القرآن على نوع العذر حيث قال:
لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ [سورة التوبة آية ٩١] .
انفروا في سبيل الله وجاهدوا بالأموال والأنفس ما استطعتم إلى ذلك سبيلا، فمن قدر على الجهاد بنفسه وماله وجب عليه ذلك، ومن قدر على الجهاد بنفسه فقط أو ماله فقط وجب عليه.
وقد كان الصحابة يجاهدون بالنفس والمال، وها هو ذا عثمان يجهز جيش العسرة، وبعض الصحابة فعلوا مثله.
والأمم الآن ترصد الأموال الواسعة للدفاع والحرب حتى تأمن جارتها، ذلك خير لكم وأجدى إن كنتم تعلمون حقيقة هذه الخيرية، وقد أثبتت التجارب صدق هذه النظرية.