للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

كان المشركون يكذبون النبي صلّى الله عليه وسلّم في توعده لهم إذا أصروا على الشرك، وكانوا يستعجلونه استهزاء به وتكذيبا، ويتمنون موته ظنا منه أنه إذا مات ماتت دعوته.

فيرد الله عليهم بما يكبتهم، ويشد من عزيمة الرسول صلّى الله عليه وسلم. وإما نرينك أيها الرسول بعض الذي نعدهم أو نتوفينك قبل أن ترى ما يحل بهم، فإلينا المرجع والمآب، وقد رأى رسول الله بعض الذي وعدهم الله ببدر وحنين، وغيرهما، والمراد تأكيد الموعود به من العقاب في الدنيا والآخرة، فإلينا مرجعهم، ثم الله شهيد على ما يفعلونه مطلقا وسيجازيهم به على علم وشهادة حق.

ولستم أنتم يا أمة محمد بدعا بين الأمم، بل هناك قانون عام يشمل الجميع هو:

ولكل أمة من الأمم رسول يهديهم ويرشدهم إلى ما فيه صلاحهم في المعاش والمعاد، فإذا جاء رسولهم وكذبوه وكفروا به، وقامت الحجة عليهم قضى بينهم بالقسط، وهم لا يظلمون إذ العدل يقتضى إثابة الطائع والعاصي كل بما يستحق.

ويقولون متى هذا الوعد؟ ومتى يكون؟!! إن كنتم أيها المؤمنون صادقين وهنا يلقن الله رسوله الجواب قل لهم: إننى بشر مثلكم، ورسول من رب العالمين، لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا، فكيف أملك لغيري؟ وليس لي علم بشيء، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ، وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ «١» ، لكن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله- سبحانه- جعل لكل أمة أجلا لبقائها وهلاكها لا يعلمه إلا هو فإذا جاء الأجل المضروب والوقت المحدود لنفاذ أمره، فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون لحظة، ولا يملك رسولهم أن يؤخر أو يقدم شيئا، وهذا هو النظام العام.

ومن هنا نعلم أن المؤمن يجب أن يعتقد أنه ليس هناك بشر في الوجود حيا أو ميتا رسولا أو وليا له دخل في شيء فهذا إمام الأنبياء وخاتم المرسلين يسجل الله عليه في القرآن قوله: لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا. وقد قرر ذلك في القرآن بأساليب متعددة. وهاكم رد آخر على استعجالهم:


(١) الأعراف ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>