كان الكلام في وقعة بدر وأحد وما حصل للمؤمنين فيهما وموقف الكفار وصفتهم مع بيان صفة المؤمنين وجزائهم.
ثم بعد هذا ذكر القرآن سنة الله في الخلق وأن ما حصل كان موافقا للسنة مع بيان الحكمة فيما وقع.
[المعنى:]
انظروا أيها المسلمون فأنتم أولى بالنظر والاعتبار، انظروا إلى من تقدمكم من الأمم، سيروا في الأرض حتى تقفوا على أخبار الماضين فستجدون أن لله طريقا واحدا لا يختلف: سُنَّةَ اللَّهِ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «١» فإن أنتم أيها المسلمون سرتم سير الطائعين الموفقين، وصلتم إلى ما وصلوا إليه حتما، وإن سرتم سير العصاة المكذبين كانت عاقبتكم خسرا، وفي هذا تنبيه لمن خالف النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد.
فكأنهم انتصروا يوم بدر لسلوكهم سبيل الطائعين المتوكلين على الله وهزموا يوم أحد لأنهم تنازعوا ففشلوا وخالفوا أمر الرسول ولم يصبروا ولم يتقوا كما أمروا، ففي الآية الكريمة سبيل الأمن والخوف، وفي طيها الوعد والوعيد، والقرآن الكريم يشير في جملته إلى أن مشيئة الله تسير على نظم ثابتة قد ربطت فيها الأسباب بالمسببات وإن يكن الله قادرا على كل شيء، ففي الحرب أو الزرع أو التجارة مثلا إذا سار فيها صاحبها على الطرق المألوفة والنظم المحكمة نجح وإن كان شريرا مجوسيا. وإن جانب المألوف وركب رأسه واتبع غير المعقول كان من الخاسرين ولو كان شريفا علويّا، وأحق الناس بالسير على المعقول والاستفادة بهدى القرآن هم المؤمنون في كل ما يأتون ويذرون والسير في الأرض ومشاهدة الآثار أثبت في معرفة الأخبار من التاريخ
ورواية الأخبار «فما راء كمن سمعا» .
كل إنسان له عقل يفكر به يعرف أن لله سنة في الكون لا تختلف عند جميع الناس في كل العصور مؤمنهم وكافرهم، وبرهم وفاجرهم والله يهدى من يحب إلى صراط مستقيم.