للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

لقد كان الكتاب الذي سطر فيه ما مضى من أدلة تثبت لله صفات الكمال وتؤيد البعث للثواب والعقاب- وهذان أصلان مهمان للدين الإسلامى- هو القرآن الكريم، فمن الخير التعرض له ببيان أنه من عند الله، وأنه معجزة دالة على صدق محمد صلّى الله عليه وسلم فيما يدعيه.

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فإنه الكتاب الذي أنزل مصدقا لما بين يديه من الكتاب، ومهيمنا عليه، وقد بقي عند اليهود والنصارى من كتبهم الشيء القليل على أصله أى: بدون تحريف والأكثر حرف وبدل فهم مختلفون، دليل ذلك قوله- تعالى- فيهم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ [النساء: ٤٤] يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ.. مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أقرأ الآيتين ١٣، ١٤ من سورة المائدة.

فضياع جزء من التوراة نسيانا. وتحريف جزء آخر منها عمدا- ومثل هذا حصل في الإنجيل- وليس هذا تجنّيا بل ثبت بنص القرآن كما مر.. هذا جعلهم يختلفون في كثير من المسائل بينهم وبين بعض، بل بين أتباع الدين الواحد وقع اختلاف كثير وقد جاء القرآن بالقصص المحكم، والقضاء العادل، مخاطبا لهم جميعا بقوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [سورة النساء آية ١٧١] .

اختلف بنو إسرائيل في عيسى ابن مريم اختلافا كثيرا فاليهود كذبوا ورموا أمه بالزنا، وحاولوا قتله وصلبه، والنصارى صدقوه ثم عظموه وألهوه حتى قالوا: إنه إله أو ابن الإله أو ثالث ثلاثة: تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وقد جاء القرآن يقص عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>