ولقد ثبت بما لا يقبل الشك عجزهم فثبت أن القرآن هو المعجزة الباقية وأنه من عند الله.
ولقد صرف الله للناس في هذا القرآن، وقلب فيه الأمور كلها على وجوهها بألوان شتى وعبادات مختلفة تارة بالإيجاز وأخرى بالإطناب موفيا الغرض من أمر ونهى، ووعظ وإرشاد وقصص وأخبار، وحكم وتشريع ومع هذا يأبى أكثر الناس إلا كفورا وجحودا.
لم يقنعوا بالقرآن معجزة وهم أدرى الناس بحقيقتها لأنها أتت فيما برعوا فيه، وطلبوا معجزة غيرها. ولو جاءت كما طلبوا لقالوا: إنما سحرت أبصارنا وسكرت.
وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض عيونا تفيض بالماء فإننا في صحراء مجدبة قاحلة، أو تكون لك أنت- إن لم تأت بعيون لنا- جنة من نخيل وأعناب وغيرهما فتجرى فيها الأنهار بقوة حتى يتم زرعها وتؤتى ثمرها كاملا، أو تسقط السماء علينا قطعا كما زعمت إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ [سورة سبأ آية ٩] .
أو تأتى بالله والملائكة معاينة لنا ومتقابلين معنا فيحدثونا بأنك رسول من عند الله أو يكون لك بيت من زخرف من ذهب فإنا عرفناك يتيما فقيرا.
ألم يكن عند الله إلا يتيم أبى طالب يجعله رسولا! أو تعرج إلى السماء، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا من السماء كتابا نقرؤه يفيد أنك رسول من عند الله.
قل لهم متعجبا منزها الله، سبحان ربي!! هل كنت إلا بشرا رسولا فقط، ولست أقدر على إجابة طلبكم، والله- سبحانه- هو القادر وقد أيدنى بمعجزة القرآن، وهي المعجزة الباقية الخالدة.
شبهتهم في الرسالة والرد عليها [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٤ الى ١٠٠]