أنسيتم أفعالهم وأعمالهم فتطمعون أن يؤمن لكم هؤلاء اليهود؟ كان منهم جماعة يسمعون كلام الله ثم يغيرونه ويبدلونه حسب هواهم، وهم يعلمون أن هذا العمل يتنافى مع الحقيقة، فكيف تطمعون إذن في إيمان من له سابقة في الضلال؟.
ونقيصة أخرى من نقائصهم وهي أن منافقيهم إذا تقابلوا مع المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون بالله والنبي إذ هو المبشر به عندنا فنحن معكم، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: كيف تحدثون أتباع محمد بما أنزل الله عليكم في التوراة؟ كيف تفعلون هذا وهم يأخذون كلامكم حجة عليكم فيخاصموكم عند ربكم يوم القيامة؟ أتذيعون أسراركم التي تضركم أفلا تعقلون أن هذا خطأ وضرر؟ فيرد الله عليهم: أيحسبون أن هذا سر لا يطلع عليه أحد؟ ولا يعلمون أن الله- سبحانه وتعالى- يعلم السر وأخفى، ويعلم الغيب والشهادة، فسواء قلتم أم لم تقولوا فإنه يعلم ما تضمرون وما تعلنون وسيجازيكم على ذلك كله.
هذا شأن من عرف الكتاب منهم وهو علماؤهم وأحبارهم، وأما الأميون منهم فإنهم لا يعرفون عن دينهم إلا أكاذيب سمعوها ولم يعقلوها «أنهم شعب الله المختار، وأن الأنبياء منهم فيشفعون لهم، وأن النار لا تمسهم إلا أياما قليلة» وما هم في كل ذلك إلا واهمون.
والمعنى: لا تطمع يا محمد في إيمانهم ولا تأس على أمثالهم، فإن من كان كذلك فلا خير فيه، ولا أسف عليه.
كذب أخبار اليهود وافتراؤهم على الله [سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٩ الى ٨٢]