للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلك إنه كلام رب العالمين. فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا..

وروى أن معاوية قال لرجل من سبأ: ما جهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! فقال: بل أجهل من قومي قومك حين قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ... الآية.

[المعنى:]

واذكر إذ قالت قريش: اللهم إن كان هذا القرآن هو الحق من عندك، لا شك فيه ولا مرية، فعاقبنا على الكفر به، بحجارة من سجيل كما عاقبت أصحاب الفيل، ومرادهم إنكار كونه حقا منزلا من عند الله، كأنهم قالوا: إن كان الباطل حقا فائتنا بعذاب أليم، تراهم علقوا نزول العذاب على محال في ظنهم، وفي تعبيرهم (هذا هو الحق) المفيد للتخصيص تهكم بمن يقول: القرآن حق!! فهذا أسلوب بليغ في الجحود والإنكار.

إن كان هذا القرآن هو الحق دون غيره فأمطر علينا حجارة من السماء هي الحجارة المسومة للعذاب أو ائتنا بعذاب أليم آخر.

وهذا هو بيان لموجب التأخير في إجابة دعائهم.

وما كان من مقتضى سنة الله ورحمته وحكمته أن يعذبهم بعذاب الاستئصال وأنت فيهم قد بعثت رحمة للعالمين، وما عذب الله أمة ونبيها معهم.

وما كان الله ليعذبهم والحال أنهم يستغفرون، أى: ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر لما عذبهم الله أبدا، ولكنهم قوم مرنوا على الكفر والشرك فلن يتوقع منهم ذلك، وقيل: ما كان ينبغي تعذيبهم وفيهم من يستغفر الله من المؤمنين الذين بين ظهرانيهم.

وتقييد نفى العذاب بكون الرسول معهم دليل على أن العذاب يترصدهم وأنهم معذبون لا محالة بدليل قوله تعالى:

وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ؟ على معنى: وأى شيء ثابت لهم حتى ينتفى عنهم العذاب، فهم معذبون لا محالة!!

<<  <  ج: ص:  >  >>