وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ أى: أمرناه، فكلمة وصى في اللغة كأمر في معناها وتصرفها حُسْناً أى: بأن يفعل معهم حسنا، أى: فعلا ذا حسن، أو هو نفس الحسن مبالغة فِتْنَةَ النَّاسِ أى أذاهم واستعمال القوة والعنف في الرد عن الإسلام أَثْقالَهُمْ أوزارهم.
لا يزال الكلام في فتنة المسلمين وردهم بالقوة عن الإسلام، والذين فتنوهم المستضعفون، ومن فتنهم هم الكفار الأقوياء أصحاب الجاه والسلطان، ومن كان يملك رقابهم، وهناك صنف آخر من المعذبين الذين فتنوا هم الأبناء والأقارب والذين فتنهم آباؤهم وأقاربهم مستخدمين سلاح العطف وصلة الرحم، ولذا نبه الله هنا على ذلك، ونزلت تلك الآية وآية لقمان وآية الأحقاف في سعد بن أبى وقاص.
وروى عن سعد قال: كنت بارا بأمى فأسلمت فقالت: لتدعن دينك أولا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي ويقال لك: يا قاتل أمك، وبقيت يوما ويوما فقلت يا أماه! لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلى، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت الآية.
[المعنى:]
ووصينا الإنسان بوالديه أن يفعل معهما فعلا حسنا، وقلنا له: إن جاهداك لتشرك بالله ما ليس لك به علم، أى: ما لا علم لك بألوهيته كالأصنام، والمراد بنفي العلم المعلوم كأنه قال: وإن جاهداك وحملاك بالفتنة والإغراء على أن تشرك بالله شيئا لا