لولا كتاب من الله سبق وحكم قضاه في اللوح المحفوظ أن المخطئ لا يعاقب على خطئه، لولا هذا لأصابكم بسبب ما أخذتم من الفداء عذاب عظيم وقعه، شديد هوله، وفي هذا تهويل لخطر ما فعلوا.
وقد أبيحت لكم الغنائم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا، واتقوا الله وامتثلوا أمره ونهيه، إن الله غفور رحيم يقبل التوبة، ويعفو عن السيئة.
روى أنه كان من الأسرى العباس بن عبد المطلب وقد كلفه النبي أن يفدى ابن أخيه عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث فقال: يا محمد، تركتني أتكفف قريشا ما بقيت، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة؟ وكان هذا إخبارا بالغيب حيث لم يكن يعلم بهذا إلا الله، فقال العباس: والله كان عندي ريب قبل هذا ولكن الآن لا ريب
، وفي رواية قال العباس: فأبدلنى الله خيرا مما أخذ منى.
يا أيها النبي قل لمن في ملككم من الأسرى: إن يعلم الله في قلوبكم إخلاصا وحسن نية يؤتكم خيرا مما أخذ منكم في الفداء، ويغفر لكم والله غفور ستار للذنوب. وقيل:
المراد من الآية أن يعرض النبي على الأسرى الإسلام، ويمنيهم بالخير والمغفرة.
وإن يريدوا خيانتك، ونقض عهدك فاعلم أنهم قد خانوا الله من قبل ذلك بنقضهم الميثاق المأخوذ على الناس جميعا أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ وإذا كان كذلك فلا يهمنك أمرهم فالله أمكنك منهم وسلطك عليهم فهزمتهم، وهذا كلام مسوق لتسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم بطريق الوعد له والوعيد عليهم، والله عليم بالنيات حكيم بفعل ما تقتضيه الحكمة البالغة..
الرابطة الإسلامية أقوى الروابط [سورة الأنفال (٨) : الآيات ٧٢ الى ٧٥]