للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجب عليكم أن تتأسوا برسول الله وتقتدوا به في كل أعماله، والرسول الكريم مثل في الشجاعة والإقدام والصبر والمثابرة على النوازل فهو المؤمن الواثق بالله المتوكل عليه.

لقد كان لكم أسوة حسنة في النبي صلّى الله عليه وسلّم لمن كان يرجو ثواب الله ويخاف عقابه يوم القيامة، وذكر الله كثيرا حبا في ذكره وأملا في ثوابه.

وهذا عتاب للمتخلفين وإرشاد للناس أجمعين حيث يجب عليهم أن يأتموا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في كل شيء فهو المثل الأعلى: المثل الكامل صلّى الله عليه وسلّم.

[موقف المؤمنين في هذه الغزوة:]

لقد عرفنا موقف من في قلوبهم مرض من المنافقين واليهود الذين غلبت عليهم نزعات الجبن والتردد وبرهنوا بأعمالهم على لؤم في الطبع وسوء في الرأى وفساد في العقيدة.

أما المؤمنون الواثقون الذين خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان وامتلأت نفوسهم بنور اليقين فقد أفادتهم هذه التجربة القاسية وهذا الابتلاء من الله. أفادتهم يقينا على يقينهم، فهم رأوا الأحزاب قد تجمعوا وتكتلوا ضد الإسلام والمسلمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم ذلك إلا إيمانا بالله وتصديقا لرسول الله وتسليما بأن النصر من عند الله العزيز الحكيم للمسلمين الصابرين المحتسبين.

نعم لقد وعدهم الله ورسوله بالنصر والظفر والظهور على قصور الحيرة ومدائن كسرى وقيصر، وهم واثقون بهذا الوعد مؤمنون بأن أية قوة في الأرض مهما تجمعت وتحزبت فلن تعجز الله في شيء ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، وما زادهم هذا الجمع الحاشد وتألب القبائل في الداخل والخارج من اليهود والمشركين، وما زادهم ذلك كله إلا إيمانا وتسليما.

روى البخاري ومسلم عن أنس قال: «قال عمى أنس بن النضر ولم يشهد بدرا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكبر عليه فقال: أول مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غبت عنه، أما والله لئن أرانى الله مشهدا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما بعد ليرينّ الله ما أصنعه. قال:

فشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد من العام القابل فاستقبله سعد بن مالك. فقال:

يا أبا عمرو، أين؟ قال: واه- كلمة تفيد الإعجاب بالشيء- لريح الجنة، أجدها

<<  <  ج: ص:  >  >>