يا أيها الذين آمنوا: إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات من دار الشرك إلى دار الإسلام، فامتحنوهن بما يغلب على ظنكم أنهن صادقات في إيمانهن، ولم يأتين حبا في الانتقال من دار إلى دار أو بغضا في زوج، بل كان الدافع لهن هو حب الله ورسوله، واعلموا أن الله أعلم بإيمانهن حقيقة، فلا سبيل لكم إلى ما تطمئن به قلوبكم، من الإحاطة بحقيقة إيمانهن، ولكن هذا ما يمكن فعله فإن علمتم فيهن صدق الإيمان فلا ترجعوهن إلى الكفار- وهذا تقييد للشرط المطلق في عقد الصلح- بل أبقوهن معكم، وقد فرق الشارع الحكيم هنا بين الرجل والمرأة فإن الرجل قوى يمكنه أن يستقل ويترك دار الكفر والمرأة لا تقوى على الإغراء فيخشى معها الفتنة ... لا هن «١» حل لهم حالا، ولا أزواجهم الكفار يحلون لهن في المستقبل بأى شكل ما داموا مشركين، وهن مؤمنات ويلزم على هذا أن تؤتوا الأزواج ما أنفقوا، محل ذلك في الأزواج الذين بيننا وبينهم عهد أما الحربيون فلا يلزمنا شيء لهم، على أن هذا الأمر للندب، وبشرط أن يطلبه الزوج وإلا فلا يجب شيء.
وهؤلاء المهاجرون لا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن مهورهن، وما حكم المرأة التي يتركها زوجها في دار الشرك مشركة وهو مسلم؟ الحكم أنه إذا أسلم الزوج وكان إسلامه حقيقيّا فيجب فسخ عقد النكاح السابق بينه وبين المشركة الوثنية أما الكتابية فلا فسخ لأنه يجوز العقد عليها ابتداء، ومحل قطع العلاقة الزوجية بين المسلم والمشركة مشروط بألا يجمعهما الإسلام في العدة.
وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا قال المفسرون: كان من ذهب من المسلمات مرتدات إلى الكفار من أهل العهد يقال للكفار: هاتوا مهرها، ويقال للمسلمين إذا جاءت إحدى الكافرات مسلمة مهاجرة: ردوا إلى الكفار مهرها، وكان ذلك نصفة وعدلا بين الناس، ثم نسخ هذا الحكم، وذلك حكم الله يحكم بينكم بالعدل، والله عليم حكيم.