حَنِيفاً: مائلا عن جميع الأديان المحرفة فِطْرَتَ اللَّهِ: خلقة الله الْقَيِّمُ المستقيم على الطريق الحق مُنِيبِينَ إِلَيْهِ: مقبلين عليه شِيَعاً: جمع شيعة وهي الحزب والجماعة المتشيعة لإمامها حِزْبٍ الحزب: الجماعة المتحزبة المتجمعة حول رأى خاص.
[المعنى:]
إذا ظهر الحق ودلائله وبطل الشرك وأوهامه، وقامت البراهين القوية على ذلك، فأقم وجهك للدين حنيفا، على معنى: قوم وجهك، وعدل نفسك واتجه بذاتك كلها إلى الدين الحق الذي ظهرت آياته، حالة كونك مائلا عن كل ما عداه، وهذه العبارة- فأقم وجهك للدين حنيفا- تمثيل للإقبال على الدين، والثبات عليه والاهتمام بأسبابه، والأخذ بمبادئه، فإن من اهتم بشيء عقد عزمه عليه، وسدد وجهه إليه، وقوم ذاته نحوه، لا يميل عنه يمنة ويسرة، وهذا أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو كذلك أمر لأمته، والزموا فطرة الله التي فطر الناس عليها، والفطرة هي الخلقة والطبيعة التي خلق الله الناس عليها، وقيل في تفسيرها: إنها الإسلام أو الدين الحق، ولكن الرأى الأول أرجح لقوله تعالى.. لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ. فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بمعنى خالق. إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ أى: خلقني، والفطرة بمعنى الخلقة يراد بها أن الله خلق الخلق مستعدين بفطرتهم وطبيعتهم إلى التوحيد قابلين له غير جاحدين ولا منكرين، فلو ترك الشخص وشأنه لما اختار غير الإسلام دينا له لأنه دين الفطرة والطبيعة، دين جاء يخاطب العقل، ويسير مع حاجات النفوس السليمة في كل أحكامه وضوابطه، هذا هو دين الفطرة الأولى صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً، ومن غوى من الناس فإنما يكون بوسوسة الشيطان. وتأثير الإنسان الذي يعاشره في بيئته- وخاصة أبويه- ومن هنا نفهم
الحديث القائل:«كلّ مولود يولد على الفطرة، وأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه»
وعليه
قوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه:«كلّ عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشّياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيرى»