عما يقصده بحيلة. مِنْ خِلافٍ المراد: يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى وبالعكس. تَنْقِمُ: تكره. أَفْرِغْ عَلَيْنا: صب علينا صبا يغمرنا.
[المعنى:]
أوحى الله إلى موسى أن ألق عصاك فكانت ثعبانا ظاهرا، وكان على أثر ذلك أن دعا فرعون السحرة، وأوحى إليه مرة ثانية أن ألق عصاك لما حضر السحرة وسحروا أعين الناس فألقاها فإذا هي تأتى على فعل السحرة فتبطله، وتلقف ما يأفكون، قال ابن عباس: فجعلت العصا لا تمر بشيء من حبالهم وعصيهم إلا التقمته فعرفت السحرة أن هذا شيء من السماء وليس بسحر فخرّوا ساجدين.
وقيل المعنى: تبطل سحرهم، وتبين حقيقته للناس وتبطل عمله المصروف من وجهة الحق إلى الباطل.
ولما كان هذا شأنهم، وقد عرف السحرة حقيقتها، وأنها ليست كالسحر الذي يعرفونه ظهر الحق وثبت أن موسى رسول وليس ساحرا، وبطل ما كانوا يعملون.
فغلب موسى فرعون وجموعه المجموعة في اليوم المشهود بأمر الله وقوته، وانقلبوا صاغرين أذلة، يجرون ثياب الخزي والعار، وخر السحرة ساجدين كأنما ألقاهم ملق لشدة خرورهم، إذ الحق بهرهم والنور دفعهم فلم يتمالكوا أنفسهم مما رأوا، وقالوا:
آمنا برب العالمين رب موسى وهارون، سبحانه وتعالى عما يصفون!! ولما ظهر الحق وزهق الباطل، وألقى السحرة ساجدين مؤمنين وفي هذا خطر شديد على فرعون وملئه، قال فرعون: أآمنتم بموسى قبل أن آذن لكم؟ إن هذا العمل الذي عملتموه وهو أن تتظاهروا أولا بالعداوة، والاعتداد بالسحر، وإرادة الغلبة لموسى مع إصراركم على أنكم ستنحازون إليه بعد التجربة، إن هذا لمكر، وأى مكر كهذا، دبرتم العمل بالمدينة وأحكمتم الرواية فيها ثم أمامنا وأمام الشعب مثلتموها، وما دفعكم إلى هذا إلا حبكم في أن تخرجوا من البلد أهلها ثم تستقلوا بها مع بنى إسرائيل إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ «١» فسوف تعلمون ما أنا فاعل بكم.