بَشِّرِ: المراد أنذر، وإنما قال: بشر تهكما بهم. الْعِزَّةَ: القوة والمنعة. يَخُوضُوا: يدخلوا. يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ: ينتظرون وقوع أمر بكم.
نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ الاستحواذ: هو الاستيلاء، والمراد: ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم.
[المعنى:]
من الناس من ران على قلبه ظلمات الغي والضلال فختم الله عليه وحجب بصره كثرة الفسوق والعصيان حتى لم يعد عقله يرى نور الإيمان، ولا قلبه يهتدى بهدى القرآن، أولئك هم الذين تذبذبوا واضطربوا، فمرة هم مؤمنون في الظاهر وإذا خلوا إلى شياطينهم فهم كافرون، وإذا عادوا مع المؤمنين آمنوا ثم ارتدوا كافرين بل أشد كفرا وعنادا مما جاهر بالكفر وثبت عليه، أولئك هم المنافقون الذين كانوا حربا على الإسلام وخطرا داهما على الدولة، وهؤلاء بطبيعتهم التي وصفها القرآن يستحيل عليهم الهداية فإن القلب يصدأ كما يصدأ الحديد، وقلوب هؤلاء تراكم عليها الصدأ حتى أكلها وأفناها، فإن الله لن يغفر لهم ولن يهديهم سبيلا إلى الخير لأنهم لم يحاولوا الهداية ولم يفتحوا عيونهم للنور أبدا.
أنذر هؤلاء المنافقين بأن لهم عذابا أليما إذ هم في الدرك الأسفل من النار، هؤلاء هم الذين يتخذون الكافرين أولياء متجاوزين المؤمنين اعتقادا منهم أن الدولة للكافرين ولم يعلموا أن العاقبة للمتقين لأن الله معهم.
وكذبوا وافتروا: أيبتغون العزة عند هؤلاء؟ كيف يطلبون من هؤلاء القوة والمنفعة وهم أعداء الله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وأوليائه.
وقد نزل عليكم في الكتاب حيث قال: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ.
والخطاب موجه إلى المؤمنين مطلقا الصادقين والمنافقين، أى: إذا سمعتم آيات الله يكفر بها الكافرون ويستهزئون بها فلا تستمعوا لهؤلاء ولا تجالسوهم حتى يتكلموا في