للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: اختلافهم قولهم: إن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وإن كان المقتول عيسى فأين صاحبنا؟

وما قتلوه قتلا يقينا، لأن الجند الذين قاموا بقتله من الثابت أنهم كانوا يعرفون شخص المسيح، وقد مات في شبه ثورة.

وفي الأناجيل الموجودة الآن، أن الذي سلمه هو يهوذا الأسخريوطى، وفي بعض الأناجيل أن الجند أخذوا يهوذا نفسه ظنا منهم أنه المسيح، فالذي لا خلاف فيه أن الجند ما كانوا يعرفون عيسى وأنهم قتلوا شخصا هل هو المسيح أو شخص يشبه إلى أبعد حد. وقيل: المعنى ما قتلوا العلم يقينا من جهة البحث والنظر في أمر قتله وصلبه.

رفع عيسى- عليه السلام-:

المسلمون يعتقدون كما أخبر القرآن أن عيسى لم يقتل ولم يصلب وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وأنه نجاه من الذين مكروا به وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ «١» وهذا هو معنى (متوفيك) عند بعض العلماء، أى: موفيك أجلك كاملا وعاصمك من الناس كغيرك من الأنبياء، وهل هو بعد النجاة رفع إلى السماء بروحه وجسده أو رفع بروحه فقط، وأما جسده فانتهت حياته كغيره من الناس؟ أو لم يحصل له رفع لا بالروح ولا بالجسد؟ ويتبع ذلك تفسير قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ «٢» أما جمهور المفسرين: فيرون أن الله رفع عيسى بروحه وجسده إلى السماء وسينزل آخر الزمان يحكم بالقرآن ويقتل الخنزير ويكسر الصليب بدليل الآية الآتية وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وكما هو ثابت في حديث البخاري. وهناك آراء أخرى في رفع عيسى إلى السماء، والقرآن الكريم لا يثبت الرفع ولا ينفيه (والله أعلم بكلامه) وكان الله عزيزا لا يغالب أبدا، فهو الذي أنقذ عيسى من كيد اليهود وعصم محمدا من الناس جميعا، حكيما في كل فعل وعمل.

وما من أحد من أهل الكتاب سواء كان يهوديا أو نصرانيا إلا ليؤمنن بعيسى إيمانا صحيحا قبل موته، أى: عند خروج روحه بلا إفراط ولا تفريط، فاليهودى يؤمن أنه


(١) سورة آل عمران الآية ٥٤.
(٢) سورة آل عمران الآية ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>