للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

يا أيها الذين آمنوا بالله ورسله: اعلموا أن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل لا بالحق، وإنما نسب هذا لكثير منهم لا لكلهم إحقاقا للحق، فإن أكثرهم فاسقون، وقليل منهم صالحون، أما أكلهم المال بالباطل فيظهر في صور شتى، منها: صكوك الغفران التي شاعت في القرون الوسطى عند كثير من الفرق النصرانية كالأرثوذكس والكاثوليك، وخلاصتها: أن يعترف المخطئ منهم بخطئه فيغفر له القسيس نظير مال يدفعه ثم يعطيه صكا يسمى صك الغفران. ألا لعنة الله على القوم الجهلاء!! ومنها الرشوة المنتشرة عند أهل الكتاب.

ومنها أكل الربا واليهود هم أساتذة الربا وقادته في العالم، وقد قلدهم المسيحيون في ذلك ولهم فلسفة خاطئة فيه.

ومنها بيع الفتاوى بالمال لإرضاء الحكام والملوك والأمراء على حساب الدين وقد كان هذا شائعا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم وما بعده.

ومنها إباحة أخذ ما تيسر لهم من مخالفيهم في العقيدة لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ [سورة آل عمران آية ٧٥] والمراد بالأكل كل ما يعم الأخذ وغيره، وإنما عبر به لأنه المقصود المهم من الأخذ.

وأما صدهم عن سبيل الله فبما يختلقون على الله الكذب، ويصفون النبي صلّى الله عليه وسلّم بأحقر الأوصاف، ويكتمون صفته وبشارته التي هي عندهم، والنصارى انفردوا في هذه الأيام بالمبالغة في الصد عن سبيل الله بالتبشير في البلاد الإسلامية عن طريق المدارس والمستشفيات والجمعيات ... إلخ.

والمراد بقوله- سبحانه-: والذين يكنزون الذهب ... هم من تقدم من الأحبار والرهبان لأن الكلام معهم، أو ما هو أعم وهم يدخلون في الموصول دخولا أوليا، وكذا غيرهم من المسلمين، وهذا هو الظاهر.

والذين يجمعون المال ويحبسونه عن الإنفاق في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، وجمع المال وكنزه لا يكون خطرا إلا إذا منعت فيه حقوق الله، أما إذا أديت الحقوق الواجبة

<<  <  ج: ص:  >  >>