اسْتَيْأَسُوا يئسوا يأسا كثيرا خَلَصُوا انفردوا عن الناس وتخلصوا منهم نَجِيًّا متناجين متشاورين فَرَّطْتُمْ قصرتم أَبْرَحَ أترك سَوَّلَتْ زينت يا أَسَفى يا أسفى والأسف الحزن الشديد على ما فات كَظِيمٌ مملوء غيظا على أولاده ممسك له في قلبه حَرَضاً الحرض المرض المشرف على الهلاك ثِّي
البث في الأصل إثارة الشيء وتفريقه، ومنه بث الريح، والمراد هنا إظهار ما انطوت عليه نفسه من الحزن فَتَحَسَّسُوا تعرفوا أحوال يوسف بحواسكم رَوْحِ اللَّهِ فرجه ورحمته.
[المعنى:]
افتقدوا صواع الملك، ثم وجدوه في وعاء بنيامين ومتاعه بعد أن نفى إخوته السرقة نفيا باتا، وشهدوا أنه إذا وجد في متاع شخص فجزاؤه أن يأخذه العزيز ويسترقه عنده غاظهم ذلك وساءهم هذا الحادث لأمور: منها عهدهم الذي أخذ عليهم عند أبيهم، وما فعلوه في يوسف من قبل، وألم والدهم الشديد عند ذهابهم بدون بنيامين فأخذوا يؤنبون أخاهم ويقولون:
إن يسرق بنيامين فقد سرق أخ له من قبل، وما ذاك إلا من عرق أمهما وخلقها.
أما أبوه الذي نجتمع معهما فيه فليس فيه هذا العرق، وفي هذا إشارة إلى أن الأخلاق تورث، وأن الحقد والحسد عندهم لا يزال.
وهل سرق يوسف من قبل؟ أصح شيء وأسلمه رواية أنه سرق صنما وهو صغير فكسره، أما الروايات التي تثبت أن عمته احتالت على أبيه وجعلت منطقة إسحاق أبيها تحت ثياب يوسف ونسبته إلى سرقتها وهو صغير ليمكث عندها فأظن أن هذا صغار لا يليق ببيت إبراهيم وإسحاق.
سمع يوسف قولهم: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه، وأضمر ولم يجبهم عنها، بل صفح عنهم وقال في نفسه. بل أنتم شر مكانا إذ أنكم سرقتم من أبيكم أخاكم وألقيتموه في الجب، وادعيتم: كذبا أن الذئب أكله، والله أعلم وحده بما تصفون.