للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

فرض عليكم القتال لمن اعتدى عليكم من المشركين، وهو مكروه لكم لأنكم تخافون إن دارت رحى الحرب بينكم وبينهم أن يفتك القتل بكم، وأنتم الطائفة القليلة العدد التي تحمل لواء العدل والحق في هذه الجزيرة، وقيل في تعليل كراهيتهم للقتال:

إن الإسلام أوجد في قلوبهم رأفة ورحمة وروحانية تبغض القتل والقتال الذي دعوا إليه وهم يرجون أن يثوب الكفار إلى رشدهم، وأن يصل نور الإسلام قلوبهم بالحجة والبرهان.

فيا أيها المؤمنون لا يصح منكم أن تكرهوا الحرب والقتال لهذا السبب أو ذاك فعسى أن تكرهوا شيئا والواقع أنه خير لكم، إذ في الحرب إعلاء لكلمة الإسلام ودفع الظلم ورفع لمنارة الحق والعدل، وعسى أن تحبوا شيئا والواقع أنه شر عليكم مستطير.

فالذي فرض عليكم القتال هو العليم بالنفوس التي ختم على قلبها وعلى سمعها وعلى بصرها غشاوة، فهؤلاء لا ينفع معهم إلا الإبادة والإزالة شأن الدم الفاسد في الجسد لا ينفع معه إلا عملية الإزالة، وهذا خاص بقتال المشركين الذين فتنوهم عن دينهم وقاتلوهم، لا في قتال الكفار مطلقا.

والله يعلم وحده وأنتم لا تعلمون.

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية على رأسها عبد اللَّه بن جحش بكتاب منه: امض حتى تنزل بطن نخلة فتأتينا من أخبار قريش ما يصل إليك. وكان ذلك في جمادى الثانية وصادف أن مر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان وغيرهم مع عير تحمل تجارة لقريش، فائتمر بالعير عبد الله بن جحش ومن معه وقتلوا ابن الحضرمي وآخر وأسروا رجلين واستاقوا العير، وفي الواقع أنهم قتلوا ظنا منهم أنهم في آخر جمادى لا في أول رجب.

فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام،

وأوقف توزيع الغنيمة. وفي هذا حصل هرج ومرج، واستغل المشركون هذا الحادث في الدعاية ضد النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى نزلت الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>