وأوثان هو الباطل الواضح البطلان، وأن الله هو العلى الشأن الكبير السلطان المتعالي عن أن يشرك به.
ولقد ذكر الله- سبحانه وتعالى- آية سماوية تدل على أنه سخر لكم ما في السموات بقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ..
[فاطر ١٣] وهنا ذكر آية أرضية تدل على أنه سخر لنا ما في الأرض جميعا بقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ.
والمعنى: ألم تر أيها المخاطب أن السفن تجرى في البحر وتمخر عبابه بإحسان الله ونعمته وفضله ورحمته ليريكم بعض آياته إن في ذلك كله لآيات لكل صبار في الشدة شكور في النعمة، وإذا غشيهم موج مرتفع كالجبال الشاهقة التي تظل من تحتها- وهذا يكون عند اضطراب البحر- إذا غشيهم هذا الموج وعلاهم رجعوا إلى الفطرة ودعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد في الكفر متأثر بما رأى ومنهم كفور جاحد، وما يجحد بآياتنا الكونية والقرآنية إلا كل ختار كثير الغدر سيئه، كفور بنعم الله. يا عجبا لك أيها الإنسان! هذه الآيات الناطقة الشاهدة بوحدانية الله، وأنه القادر المريد، وأنه لا معبود بحق إلا هو، ثم مع هذا يكفر بالله، وإذا أصابه ضر أو وقع في شدة لجأ إلى الله وحده، ثم إذا كشف عنه الضر إذا هم به يشركون.