ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أى: ضاق ذرعه بهم، وذرع الإنسان كقولهم: ضاقت يده عن كذا مثلا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ عذابا شديدا منها، وسمى بذلك لأنه يقلق المعذب مأخوذ من قولهم: ارتجز إذا ارتجس أى: اضطرب.
[المعنى:]
- واذكر لوطا وقت أن قال لقومه: إنكم لتأتون الفعلة المتناهية في الفحش، التي ما سبقكم بفعلها أحد من الجن والإنس لأنها مما تشمئز منها الطباع، وتعافها النفوس.
أإنكم لتأتون الرجال في أدبارهم، وتتركون النساء، وتقطعون السبيل حيث تفعلون الفاحشة بمن يمر بكم فترك الناس الطريق لذلك: وتأتون في ناديكم المنكر شرعا وعقلا وعرفا، وذلك أنهم ابتدعوا منكرات ما سبقهم إليها أحدا من خلق الله وقد وعظهم لوط ونصحهم كثيرا وخوفهم عاقبة هذا العمل فلم يأبهوا ولم يرتدعوا، فلما ألح عليهم بالعظات والإنذار ما كان جواب قومه إلا أن قالوا استهزاء به: ائتنا بعذاب الله الذي تعدنا، إن كنت من الصادقين في دعواك، قال لوط لما يئس منهم، ونفد صبره:
يا رب انصرني بإنزال العذاب على هؤلاء القوم الذين عاثوا في الأرض الفساد فاستجاب الله الدعاء، فأرسل ملائكة لإهلاكهم، وأمرهم أن يبشروا إبراهيم بذرية طيبة مباركة فجاءوا أولا لإبراهيم بالبشرى بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وقالوا له: إنا مهلكوا أهل قرية لوط إن أهلها كانوا ظالمين وكافرين.
قال إبراهيم: إن فيها لوطا، وأنتم تعرفون من هو.. قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته إنها كانت من القوم الفاسقين، فاستحقت أن تكون من الباقين في العذاب المهين.
ولما أن جاءت رسل الهلاك إلى لوط سىء بهم وحزن، وضاق بهم صدره، لأنهم جاءوا في صورة غلمان مرد حسان، فجاء أهل القرية إلى لوط طالبين ضيوفه ليفعلوا معهم الفاحشة، وقد جهد لوط في ردهم، وبالغ في ذلك حتى طلب إليهم أن يأخذوا بناته فلم يصغوا إليه، فلما رأت الملائكة حيرته وتغير حاله، قالوا له: لا تخف ولا تحزن إنا جئنا للتنكيل بأولئك القوم، وإنا منجوك وأهلك إلا امرأتك إنها كانت من الباقين في العذاب، وإنا يا لوط منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء وعذابا تضطرب له النفس وتتزلزل، كل ذلك بما كانوا يفسقون، وقد أخرجت الملائكة لوطا