ثانِيَ عِطْفِهِ، المراد معرضا عن الذكر كفرا وتعظما، والأصل في العطف أنه الجانب، ويقال: ثنى فلان عنّى عطفه إذا أعرض، ولوى جانبه خِزْيٌ هوان وذل عَلى حَرْفٍ المراد: على شك وضعف في العبادة كضعف القائم على طرف الجبل وحده.
ولقد أمر الله بالتقوى وخوفهم من عذاب يوم شديد ومع هذا فمن الناس من يجادل في الله بغير علم، ثم ساق لهم الأدلة على البعث وقدرة الله على كل شيء، ومع هذا فمنهم من يجادل في الله كذلك بغير علم.
هكذا تكون الناس مهما كانت النذر! منهم شقي ومنهم سعيد، ومنهم المؤمن الصادق، والمنافق الكاذب، والكافر الصريح، وهكذا أراد الله.
[المعنى:]
ومن الناس من يجادل في وجود الله وصفاته بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير.
نعم من الناس من يجادل بالباطل، ويجادل في الله وصفاته بغير علم صحيح، وفكر سليم، وبغير هدى واستدلال يهدى إلى المعرفة الصحيحة، وبغير كتاب وحجة منقولة.
وهذا والله هو الحق، يجادل الإنسان ويخاصم بظن واه، لا دليل معه من علم أو نظر أو حجة، ولكنه العناد والضلال وعمى القلوب والبصائر فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [سورة الحج آية ٤٦] .
وهو إذا ذكّر لا يذّكّر بل يعرض وينأى بجانبه كبرا وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً [سورة لقمان آية ٧] .